الأربعاء، 4 مايو 2011

الأسبوع الثامن عشر - بالرفاه والبنين



مكتوب على ورق الخيار، أن من يسهر الليل ينام النهار، جفناي يأبيان التلاقي؛ بعد عناق طويل خلال النهار، الوقت : منتصف الظلام، الفجر بعيد، والليل لا زال في بواكيره، أحتاج إلى فائض من الفضول يؤهلني لتصفح الشبكة العنكبوتية ( سايت ... سايت، بروفايل ... بروفايل، تشات ... تشات، شبر ... شبر، زنقة ... زنقة ) !!

أتفقد القادم إلى بريدي الإلكتروني، أطالع الوارد من الأخبار في الصحف، أتسلق أعمدة الكتاب اليومية، على "يوتيوب" أتابع هطل الدم المنتظم الذي لا بد منه لاخضرار ربيع العرب، أذهب إلى "فيس بوك"؛ قد يكون أحدهم كتب على حائطي خربشات غير مسؤولة، فألتقي بالــ"فريندز" في "بيت خالتي" !!

الوجوه على الماسنجر رمادية عابسة، ولا وجوه صفراء تنبض بالابتسام "اون لاين"، حائط "فيس بوك" فادح البياض، الجميع نيام، الظلام لا يزال ثقيلا، أعاود الرجوع إلى بريدي الإلكتروني كي أتسلى إلى حين أن "يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر"، أقرأ كل الرسائل الواردة إليه منذ تدشينه إلى الآن، حتى تلك التهديدية التي بعد "جزاك الله الخير" إن لم ترسلها إلى عشرة من أصحابك ... "تموت الليلة" !!

أضغط على خروج، أستطيع أن أمضي المتبقي من يقظتي متأملا سقف الغرفة من على سريري البارد حتى يغالبني النعاس، تتم عملية الخروج من البريد الإلكتروني بسلاسة، ليحل مكانه صفحة "مكتوب" الرئيسة، تستوفقني صورة الشاب والفتاة الباسمين التي أراها منذ أيام ثمانية، أنقر عليها بالفأرة، لأتفاجأ بعد ذلك بالمحتوى؛ فالصورة التي كنت أحسبها "دعاية معجون أسنان" لم تكن إلى صورة ولي عهد بريطانيا الأمير "ويليام" وخطيبته التي صارت اليوم زوجته بعد حفل زفاف باذخ!

أستطيع الآن ترميم صورة الزواج المغلوطة في مخيلتي؛ فقد كنت أعتقد أن الزواج بداية لنفق مظلم وفقا لصورة بالأبيض والأسود لجدي يوم زفافه؛ يقف فيها متجهما بوضع عسكري يؤدي تحية العلم، أفهم الآن إصراره على عدم الإبتسام؛ فقد كان فقيرا لا يملك ثمن تقويم لأسنانه التي كانت مبعثرة كأثاث مقهى اندلع فيه شجار عنيف !!

وما بين صورتين على طرفي نقيض، زفاف الأمير "المهيب" الذي فاقت كلفته المئة مليون دولار، وزفاف جدي "المعيب" الذي انخفضت كلفته عن المئة دينار، والذي أكون أنا آخر ثماره الفاسدة، تركض الذاكرة إلى وراء بعيد، لحفل زفاف جماعي كنت أحد مدعويه، أقامته "جمعية المستورين الخيرية" بدعم من كبريات الشركات التي تحرص على بناء جسور التواصل بينها وبين جيب المواطن، يومها حار أحد العرسان أين يلتقط صورة العمر التي تعلق لتكون جاهزة لاستقبال المهنئين و"العزال" في صالون بيت الزوجية؛ فكل الخلفيات كانت إعلانات عملاقة للشركات الراعية، إلى أن اقترحت عروسه الذكية، أن تكون خلفية الصورة الإعلان الأصغر على أن يرمم "الفوتوشوب" ما أفسده الدهر، فكانت خلفية الصورة "هذا الزفاف برعاية زين" !!

لا غرو أن الأمير حار هو الآخر في انتقاء خلفية تليق بالصورة التي ستعلق في غرفة الإستقبال داخل القصر، شرفة القصر مثلا، الحشود الهائلة، أم العربة التي يجرها حصانان أبيضان هاربان من الأساطير! فكل خلفية أجمل من أختها، ورحم الله جدي الذي كانت خلفية صورة زفافه "شادر" بني اللون !!

سينفصل الأمير عن زوجته فور تعرفهما أجساد بعضهم بعضا؛ فأطول زواج للمشاهير لم يطوه عقد من الزمان، بيد أن أصحاب الزفاف الجماعي سيزدادو لحمة؛ فالعدو مشترك وواحد اسمه الشقاء، ويصنع الضوء من الأمير الصغير الذي ستضعه "كيت" أميرا يأسر القلوب رغم سنوات عمره التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة؛ فيقال : ذهب الأمير ... جاء الأمير ... تبرع الأمير ... رضع الأمير ... تثاءب الأمير !!

أما أطفال الزفاف الجماعي فلا ضوء لهم، رغم الأعمال الخيرية (غير المادية) التي يقومون بها ليلا نهارا؛ فهم يدفعون سيارة جارهم قديمة الطراز التي لا تعمل إلى بـ"دفشة"، أو يحملون أكياس الخضار عن جارتهم العجوز التي عرفت الشقاء قبلهم بكثير، أو يحملونها حتى يتحصلوا على دراهم قليلة تسند ظهور أهلهم !!

ولن يتحيز الضوء لهم؛ فالضوء أعمى تحركه أيادي متزلفين بجيوب جائعة، وتأخذ يدا "كيت" الأبصار بنعومتها أثناء الظهور المتلفز الأول لها بعد انفصالها عن الأمير، كما ستأخذ أيادي أصحاب الزفاف الجماعي أبصار الناس بخشونتها التي خلفها فرط الطرق على أبواب أصحاب المقام الرفيع ليعينوهم على حياتهم الغليظة !!


فبالرفاه والبنين يا سمو الأمير ... وبالعذاب والأنين أصحاب الزفاف الجماعي !!

http://www.osbo3yatjaber.blogspot.com/